مــا بــعــد اللــيـلـة الأحــيـرة
و قلنا كثيرا
و كان المساء حزينا حزينا ..
و طافت على الصمت
كل الحكايا ..
سنين تخفت وراء السنين
و مازال قلبي طفلاً بريئاً
يحدق فيك..
و يحبو إليك
كأني على الأمس ماتت خُطايا
تغيرت الأرض في كل شيء
و مازلت أنت
نقوشاً على العمر
و شماً على القلب
ضوءاً على العين
مازلت أنت بكارة عمري
شذا من صبايا
رأينا الليالي على راحتينا
رماداً من الشوق
طيفاً بعيدا
يثور و يهدأ
بين الحنايا
فعطرك هذا الذي كان يأتي
و يسرق نومي
و شعرك هذا الذي كان يهفو
و يسفك دمي
و صوتك هذا الذي كان يخبو
فأشقى بهمي
----*--------
و قلنا كثيرا ..
و أحسست أن الزمان
الذي ضاع منا
تجمع في العين حبات دمع
و أصبح نهراً من الحزن يجري
يسد الطريق
و أن الدموع التي في المآقي
غدت في عيونك أطياف ضوء
و صارت بقلبي
بقايا حريق
أكاد أعانق عينيك شوقاً
و أنتِ أمامي
و بيني و بينك
درب طويل
و خلف المسافات
جرح عميق
و أحسست أني لأول يوم
رجعت أردد بعض الحروف
و عاد لساني يحبو قليلا
و ينطق شيئاً فمنذ سنين
نسيت الكلام
و قلنا كثيرا ..
و أحسست أنك حين ذهبت
أخذت من العمر كل البريق
فلم يبق في العمر غير الصدأ
و أن دمي تاه بين العروق
و خاصم نبضي
و ماذا سيفعل نبض غريق
-------*---------
و أحسست أنك يوم ارتحلت
أخذت مفاتيح قلبي
فما عاد يهفو لطيف سواك
و ما عاد يسمع إلا نداك
و أنك حين إرتحلت
سرقت تعاويذ عمري
فصار مُباحا
و صار مشاعا
و أني بعدك بعت الليالي
و في كل يوم يدور المزاد
أبيع الحنين
أبيع السنين
و أرجع وحدي
و بعضي رماد
و أني أصبحت طفلاً صغيراً تشرد عمراً
و صار لقيطاً على كل بيت
و صار مشاعاً على كل صدر
و صار خطيئة عمر جبان
و أحسست أني
تعلمت بعدك
زيف الحديث .. و زيف المشاعر
تساوت على العين كل الوجوه
و كل العيون
و كل الضفائر
تساوى على العين لون الوفاء
و زيف النقاء
و دم الضحايا
و دم السجائر
تساوت على القلب كل الحكايا
فما عُدت أعرف عطر الحلال
و عطر البغايا
-----*-------
و قلنا كثيرا ..
و عدت أفتش في مقلتيك
و ألقى رحالي على شاطئيك
و أبحرت ..
أبحرت في مقلتيك
لعلي أرى خلف هذى الشواطىء
وجهي القديم الذي ضاع مني
و فتشت عنه السنين الطوال
لقد ضاع مني منذ إرتحلت
رأيتك وجهي الذي ضاع يوماً
بنفس الملامح
نفس البراءة
نفس البكارة
نفس السؤال
و قلنا كثيراً و عند الصباح
رأيتك في الضوء
ذرات شوق أبت أن تضيع
لمحتك في الصبح أيام طُهر
تراجع فيها نداء الخطايا
و زهرة عمر أبت أن تُزف لغير الربيع
فمازلت أنت الزمان الجميل
و كان الوداع هو المستحيل
-----------*--------
فيا شهر زاد التي فارقتني
و ألقت على الصبحِ بعض الرماد
تُرى هل قنعت بطيف الحكايا
تُرى هل سئمت الحديث المعاد
و قلنا كثيراً و عند الصباح
رجعت وحيداً أُلملم بعضي
و أجمع وجهاً تناثر مني
و فوق المقاعد تجري دمايا
و عدت أسائل عنك المقاهي
و أسأل رواد هذا المكان
فيصفع وجهي حزن كئيب
و لم يبق في الصمت
إلا ندايا
فمازال عطرك في كل شيء
و مازال وجهك خلف الجدار
و بين المقاعد
فوق المرايا
تُرى كان حُلماً
على كل رُكن تَـئِـن البقايا
فما كنت أنت
سوى شهر زاد
و ما كان عمرى ...غير الحكايا